قبل سنوات، مرت كئيبة وثقيلة الدم (لكثرة ما سفح فيها من دم) على الأرض العراقية (والعربية بالضرورة) سقط تمثال كبير للرئيس صدام حسين، كان حينها لا يزال رئيسا، رئيس عربي بمقاييس صناديق الانتخابات التي لا تخطىء ظن من يراهن عليها في الجماهيريات العربية الممتدة بأحلام وأوهام..
حينما سقط تمثال صدام أيقنا حقا أن بغداد سقط، وأن هولاكو عاد، وأن التتار سيكفون عن توزيع الورود مع مغلفات الديموقراطية والحرية على بيوت العراقيين، عرّفتنا الأخبار من يومئذ على أسماء أحياء بغدادية لم نكن نعرفها قبلئذ، الفلوجة والكراده وبعقوبه.. وغيرها كثير.
يومها.. يوم أن سقط التمثال، انهال عراقي بحذائه على الجماد، وتخيلت أن الحديد سيبكي لفرط ما ناله من عقاب، ودارت عقارب الزمن، وندم الرجل على ما فعله، وقال أنه لو كان يعلم الغيب لقبّل التمثال، بدلا من ضربه بالحذاء.
وتسيّد الحذاء جانبا من المشهد العراقي المؤلم عبر العقود الماضية، أحذية جنود الاحتلال تضرب أبواب المنازل، وسجّان يدوس على سجين، وبقايا أحذية تستخرج من المقابر الجماعية، وأحذية متناثرة بعد كل تفجير، حزام ناسف أو سيارة مفخخة.. وصولا إلى النساء المفخخات اللاتي هبطن من شموخ الأنوثة إلى فعل القتل المجاني.. الإجرامي.
قبل يومين عاد مشهد الحذاء بصورة عجائبية، صحفي يعيد الأضواء للأحذية مرة أخرى بعد أن كادت تخفت عنها (باستثناء مذبحة كركوك خلال أيام عيد الأضحى).. رمى الصحفي بحذائه باتجاه الرئيس بوش ورئيس وزراء العراق نوري المالكي، أخطأ الحذاء مقصده، مع أن راميه اعتبره قبلة الوداعية لرئيس لن ينسى من تاريخ العالم (عامة) والعراق (بشكل خاص.. جدا جدا).
فالعائلة البوشية كتبت تاريخ العراق المعاصر بالدم والنار، كما حكم صدام ذات بالبلد بأسلوب يتفق في منهجه مع سياسة الدم والنار، مع الوضع في الاعتبار كافة العوامل التي قادت هذا البلد للوضع المؤلم.
مرّ عيد الأضحى فتذكرنا الحبل الذي التف حول عنق القائد المهيب، ومرّ الحذاء خاطفا فتذكرنا أحذية لا تحصى شاهدناها في المشهد العراقي، منذ ذلك الحذاء الذي ودّع مرحلة صدام العنيدة، وصولا إلى حذاء آخر يودّع الحقبة البوشيّة العتيدة، مع اختلاف الحجم والمقاس.. والهدف.
بوش يعترف، يلوم المخابرات على (سالفة) أسلحة الدمار الشامل التي كانت أغنية الموسم حينئذ، يبرر أنه كان لا بد من حصول كل ذلك في العراق للأمن الأمريكي، ترى كم قبر تركت أيها الرئيس في أرض الرافدين وأنت تستعد لوداع بيتك الأبيض لتتفرغ للكتابة والفسحة، كم أرملة ويتيم وسجين وبرىء قدمت قربانا لأمن الولايات المتحدة؟ وترى هل الثمن المدفوع ليكون العراق واحة خضراء من الديموقراطية والحرية بخسا لدرجة لا تستوجب حديثا سوى النصر والتفاؤل ثم كتابة مذكرات.
انها المشهدية الساخرة، تساقط مطر الدم فوق أرض الرافدين، وعاد التتار مرة أخرى بثقافة جديدة أحرفها أبو غريب وبلاك ووتر (وما خفي كان أعظم)..
والسؤال المتبقى في ذاكرتي وقد أحاطتني صور الأحذية كأنها هرم فوق رأسي.. يا سيادة الرئيس (المودّع): وأنت تسير في درب العراق ألم تخدش بقعة دم لمعان حذاؤك؟! ستذهب أنت إلى غياهب التاريخ، وستبقى العراق العربية الشقيقة التي لا مناص عنها.. وستبقى أمريكا الصديقة التي لا بد منها.. وذلك نكد الدنيا على الحر.
حينما سقط تمثال صدام أيقنا حقا أن بغداد سقط، وأن هولاكو عاد، وأن التتار سيكفون عن توزيع الورود مع مغلفات الديموقراطية والحرية على بيوت العراقيين، عرّفتنا الأخبار من يومئذ على أسماء أحياء بغدادية لم نكن نعرفها قبلئذ، الفلوجة والكراده وبعقوبه.. وغيرها كثير.
يومها.. يوم أن سقط التمثال، انهال عراقي بحذائه على الجماد، وتخيلت أن الحديد سيبكي لفرط ما ناله من عقاب، ودارت عقارب الزمن، وندم الرجل على ما فعله، وقال أنه لو كان يعلم الغيب لقبّل التمثال، بدلا من ضربه بالحذاء.
وتسيّد الحذاء جانبا من المشهد العراقي المؤلم عبر العقود الماضية، أحذية جنود الاحتلال تضرب أبواب المنازل، وسجّان يدوس على سجين، وبقايا أحذية تستخرج من المقابر الجماعية، وأحذية متناثرة بعد كل تفجير، حزام ناسف أو سيارة مفخخة.. وصولا إلى النساء المفخخات اللاتي هبطن من شموخ الأنوثة إلى فعل القتل المجاني.. الإجرامي.
قبل يومين عاد مشهد الحذاء بصورة عجائبية، صحفي يعيد الأضواء للأحذية مرة أخرى بعد أن كادت تخفت عنها (باستثناء مذبحة كركوك خلال أيام عيد الأضحى).. رمى الصحفي بحذائه باتجاه الرئيس بوش ورئيس وزراء العراق نوري المالكي، أخطأ الحذاء مقصده، مع أن راميه اعتبره قبلة الوداعية لرئيس لن ينسى من تاريخ العالم (عامة) والعراق (بشكل خاص.. جدا جدا).
فالعائلة البوشية كتبت تاريخ العراق المعاصر بالدم والنار، كما حكم صدام ذات بالبلد بأسلوب يتفق في منهجه مع سياسة الدم والنار، مع الوضع في الاعتبار كافة العوامل التي قادت هذا البلد للوضع المؤلم.
مرّ عيد الأضحى فتذكرنا الحبل الذي التف حول عنق القائد المهيب، ومرّ الحذاء خاطفا فتذكرنا أحذية لا تحصى شاهدناها في المشهد العراقي، منذ ذلك الحذاء الذي ودّع مرحلة صدام العنيدة، وصولا إلى حذاء آخر يودّع الحقبة البوشيّة العتيدة، مع اختلاف الحجم والمقاس.. والهدف.
بوش يعترف، يلوم المخابرات على (سالفة) أسلحة الدمار الشامل التي كانت أغنية الموسم حينئذ، يبرر أنه كان لا بد من حصول كل ذلك في العراق للأمن الأمريكي، ترى كم قبر تركت أيها الرئيس في أرض الرافدين وأنت تستعد لوداع بيتك الأبيض لتتفرغ للكتابة والفسحة، كم أرملة ويتيم وسجين وبرىء قدمت قربانا لأمن الولايات المتحدة؟ وترى هل الثمن المدفوع ليكون العراق واحة خضراء من الديموقراطية والحرية بخسا لدرجة لا تستوجب حديثا سوى النصر والتفاؤل ثم كتابة مذكرات.
انها المشهدية الساخرة، تساقط مطر الدم فوق أرض الرافدين، وعاد التتار مرة أخرى بثقافة جديدة أحرفها أبو غريب وبلاك ووتر (وما خفي كان أعظم)..
والسؤال المتبقى في ذاكرتي وقد أحاطتني صور الأحذية كأنها هرم فوق رأسي.. يا سيادة الرئيس (المودّع): وأنت تسير في درب العراق ألم تخدش بقعة دم لمعان حذاؤك؟! ستذهب أنت إلى غياهب التاريخ، وستبقى العراق العربية الشقيقة التي لا مناص عنها.. وستبقى أمريكا الصديقة التي لا بد منها.. وذلك نكد الدنيا على الحر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق