يطرح كثيرون قضية (شائكة) وهي خلو صحافتنا من اتساع الحرية منحازة للخبر الرسمي، والطرح لا يتبادله العامة (أو الخاصة) فقط إنما بين العاملين فيها من يبحث عنها فوق طاقة الكلمة على الاحتواء، وضبابية الرؤية ناتجة لحالات الغبار التي يخلفها الاختلاف على المفردة لغويا واجتماعيا وسياسيا.. وإعلاميا، فنحن أمام (شرك) التفاوت بين رؤيتين: الرسميون يقولون أن هناك مساحة كبيرة من الحرية، والإعلاميون (بينهم) من يقول أن المساحة وهم صنعه الرسميون فصدقوه.
كتبت مرة أن الحرية موجودة، ولا أخفي أنني أشعر في أحيان كثيرة بما يشعر به أولئك الذين يرون أن المساحة المتروكة أمامنا مجرد وهم، شاركنا في صنعه وباركنا لمن قتّر علينا مساحة الرؤية ما صنعت يداه.
أسئلة لا تكف عن ترصدي حينما أسمع المحاذير ولا أراها، وحينما يمارس قمع الرأي بطريقة أخرى وهي (تطنيشه)، والحذر واجب في كل خطوة لدرجة أن المرء يخشى أن يخطوها، واسأل نفسي: إن كنا نريد أن نكون أحرارا في كتاباتنا لماذا نخشى الخطوة الصعبة؟ لماذا لا نسير في الدرب الذي نختاره؟ هل أرجلنا عاجزة عن السير لأنه لا حول لها ولا قوة في المشي فوق الدروب الحارقة والمدببة؟
وأعود للأسئلة من زاوية أخرى: من جعل أقدامنا بهذه الطراوة؟ لماذا يقولون لنا الآن أن الدرب سالك وقد عوّدونا على أن فكرنا سقيم ومريض إن لم نثني، وأن ثقافتنا مشبوهة إن كتبنا عن أحلامنا في حرية أكثر اتساعا، بما يريده وطن يحتاج للكلمة الناقدة أكثر من حاجته للأخبار المادحة والكلام المسبوك منذ عشرين عاما.
فهل سقف الحرية مرتفع كثيرا في بلادنا لدرجة أننا لا نراه؟
أما أن هذا السقف يحجب عنا الرؤية تاركا إيانا في ظلام التجربة فلا ندري أهو موجود فيتقى أم أن سماء الحرية فاتحة أبوابها فترتجى.
يقولون: اكتبوا وتكلموا.
صدقت الأمر فكتبت إلا أن الرقيب ألغى ما كتبته، صادر مني حتى خبرتي في الكتابة، وخبرتي في معرفة المسموح والممنوع.
يقولون: اكتبوا، الحرية متاحة.
لكن لا تذكروا أشخاصا، وهكذا تم تعويم الأشياء، فصاحب الفعل لا نستحضره إلا لأنه جالس على كرسي رسمي (أو قد ينتمي للقطاع الخاص).. لو كان جالسا في بيته ما كنا سألناه عن ماذا يفعل في مؤسسته بينما الروائح تفوح وكأنه لا يشم إلا الروائح الطيبة التي تنثرها عليه منسقاته والكلام الجميل الذي يسبغه عليه مدراء العموم..
يقولون: أبواب الحرية مفتوحة..
فقط وثّقوا ما تكتبون، وهم يدركون أننا لن نجد ما نوثق به، خبئوا كل أوراق الفعل وقالوا لنا أنتم العجزة لأنكم لم تستطيعوا الوصول إلى مخابىء الوثائق، مع أنه وبكل بساطة سيتم تجريم الكاتب مرتين: لأنه تناول محظورا، ولأنه افشى اسرار جهة ستقاضيه لأنه اطلع على دفتر يضم موجزا بأخطائها.
هل بيننا صحفي يمكنه أن يستوعب مساءلته أمام الإدعاء العام، أو ربما محاكمته، أو تغريمه.؟
أخشى أن الإجابة هي: لا، وألف لا.
عظامنا هشة على تحمل الوقوف أمام قاض، ومشكلتنا أننا حرمنا من كالسيوم الحرية والنقد المتوازن عقودا ماضية وحينما أطلقوا سراحنا للمشى اكتشفنا أننا مصابون بالروماتيزم، فهل هي مشكلة الرقابة التي قالت لنا أمشوا، أم مشكلتنا لأننا لا نستطيع المشي..
فيا أيها الذين لا أدري منهم.. اعذروا الأقلام إن رأيتموها خائفة ومترددة وغير ناضجة في التعامل مع الحرية، هي تتعلم المشي الآن، ويلزمها سنوات لتقف كما تشتهي الحرية.. وكما ينبغي للبلاد..
كتبت مرة أن الحرية موجودة، ولا أخفي أنني أشعر في أحيان كثيرة بما يشعر به أولئك الذين يرون أن المساحة المتروكة أمامنا مجرد وهم، شاركنا في صنعه وباركنا لمن قتّر علينا مساحة الرؤية ما صنعت يداه.
أسئلة لا تكف عن ترصدي حينما أسمع المحاذير ولا أراها، وحينما يمارس قمع الرأي بطريقة أخرى وهي (تطنيشه)، والحذر واجب في كل خطوة لدرجة أن المرء يخشى أن يخطوها، واسأل نفسي: إن كنا نريد أن نكون أحرارا في كتاباتنا لماذا نخشى الخطوة الصعبة؟ لماذا لا نسير في الدرب الذي نختاره؟ هل أرجلنا عاجزة عن السير لأنه لا حول لها ولا قوة في المشي فوق الدروب الحارقة والمدببة؟
وأعود للأسئلة من زاوية أخرى: من جعل أقدامنا بهذه الطراوة؟ لماذا يقولون لنا الآن أن الدرب سالك وقد عوّدونا على أن فكرنا سقيم ومريض إن لم نثني، وأن ثقافتنا مشبوهة إن كتبنا عن أحلامنا في حرية أكثر اتساعا، بما يريده وطن يحتاج للكلمة الناقدة أكثر من حاجته للأخبار المادحة والكلام المسبوك منذ عشرين عاما.
فهل سقف الحرية مرتفع كثيرا في بلادنا لدرجة أننا لا نراه؟
أما أن هذا السقف يحجب عنا الرؤية تاركا إيانا في ظلام التجربة فلا ندري أهو موجود فيتقى أم أن سماء الحرية فاتحة أبوابها فترتجى.
يقولون: اكتبوا وتكلموا.
صدقت الأمر فكتبت إلا أن الرقيب ألغى ما كتبته، صادر مني حتى خبرتي في الكتابة، وخبرتي في معرفة المسموح والممنوع.
يقولون: اكتبوا، الحرية متاحة.
لكن لا تذكروا أشخاصا، وهكذا تم تعويم الأشياء، فصاحب الفعل لا نستحضره إلا لأنه جالس على كرسي رسمي (أو قد ينتمي للقطاع الخاص).. لو كان جالسا في بيته ما كنا سألناه عن ماذا يفعل في مؤسسته بينما الروائح تفوح وكأنه لا يشم إلا الروائح الطيبة التي تنثرها عليه منسقاته والكلام الجميل الذي يسبغه عليه مدراء العموم..
يقولون: أبواب الحرية مفتوحة..
فقط وثّقوا ما تكتبون، وهم يدركون أننا لن نجد ما نوثق به، خبئوا كل أوراق الفعل وقالوا لنا أنتم العجزة لأنكم لم تستطيعوا الوصول إلى مخابىء الوثائق، مع أنه وبكل بساطة سيتم تجريم الكاتب مرتين: لأنه تناول محظورا، ولأنه افشى اسرار جهة ستقاضيه لأنه اطلع على دفتر يضم موجزا بأخطائها.
هل بيننا صحفي يمكنه أن يستوعب مساءلته أمام الإدعاء العام، أو ربما محاكمته، أو تغريمه.؟
أخشى أن الإجابة هي: لا، وألف لا.
عظامنا هشة على تحمل الوقوف أمام قاض، ومشكلتنا أننا حرمنا من كالسيوم الحرية والنقد المتوازن عقودا ماضية وحينما أطلقوا سراحنا للمشى اكتشفنا أننا مصابون بالروماتيزم، فهل هي مشكلة الرقابة التي قالت لنا أمشوا، أم مشكلتنا لأننا لا نستطيع المشي..
فيا أيها الذين لا أدري منهم.. اعذروا الأقلام إن رأيتموها خائفة ومترددة وغير ناضجة في التعامل مع الحرية، هي تتعلم المشي الآن، ويلزمها سنوات لتقف كما تشتهي الحرية.. وكما ينبغي للبلاد..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق