السبت، 21 فبراير 2009

بصراحة ما صارت

أستعير هذا العنوان من صديقي المحرر الرياضي راشد السيابي الذي أطلق هذا العنوان صرخة قوية عبر الكلمة، حدث ذلك بعد إحدى الفرص الذهبية التي (ينعشلها) منتخبنا الكروي بسبب عدم (تعوده) على حمل الألقاب والبطولات، مع أمل كبير أن يحدث هذا ذات يوم.. أو شهر.. أو سنة!!
سأكتب هذا المقال بروح رياضية، وأطالب الجهات المختصة أن تقرؤه كذلك، فلا ينبري أحد بتهديدي بأنه سيرفع علي قضية كما حدث قبل عدة أسابيع، لمجرد أنني كتبت معلومة.
أقرأ إعلانات المحاكم يوميا، فربما يدعي أحد فوق هذه البسيطة ولسبب (أجهله غالبا) أن له عليّ حقا تتم كتابته بالحروف وبالأرقام منعا لأي لبس يحدث، ولأن المحاكم لا تعرف عنواني كما لا تعرف عناوين آلاف المواطنين سيثبت عليّ الحكم.
وهذه الحالة النفسية المتأصلة فيّ ليست متشائمة، فهي تدفعني يوميا لقراءة أسماء الفائزين بسحوبات بنوك لا أملك حسابا فيها، ومحلات تجارية لم أدخلها يوما، مع أني أمتلك عشرات الكوبونات (التي لا تسمن ولا تغني من جوع).
عشرات الإعلانات كل يوم، مئات منها كل شهر، آلاف منها كل عام، وإذا حسبنا كم نسبة المعرّضين لرفع قضايا ضدهم سنجد أننا نواجه أزمة حقيقية، فنصف المواطنين أو أكثر من ذلك لا يمتلكون عنوانا تستدل بهم المحاكم عليهم.. فهم لا يعملون في أي جهاز من أجهزة الدولة، ولا توجد لهم سجلات مدنيّة تظهر أمكنتهم وعناوينهم.. فهل هذه الإعلانات فرصة للتشهير أو أداء الواجب في أننا بلغناه.. ولو بهذه الطريقة، تلك التي تسهل على المحاكم والمحامين الإبلاغ.. وتصعّب الحياة على من تم التبليغ لهم!
طرحت الموضوع سابقا، وبدلا من دراسته والرد بتوضيح ضروراته التي تبيح أضراره تزايدت هجمة الإعلانات الدالة على مواطنين ليس لهم عنوان، مع أنني أجزم بأن هذا غير صحيح، ولا ينافس هذه (الإعلانات الدعائية السلبية) سوى إعلانات الهروب، بمعنى أن لدينا مئات الآلاف من السكان: وافدون هاربون ومواطنون تائهون، أو لنخفف المفردة بالقول أنهم لم يستدل عليهم، وهناك نوعية أخرى من السكان: مواطنون يبحثون عن عمالهم (وشغالاتهم)، وعددهم يتضاعف كل يوم.
أيتها الجهات المختصة، أو تلك التي ندعي أنها مختصة، وتراقب أمر المحاكم التي تتعامل مع القضايا بميكانيكية يبيحها القانون، وليس انتقاصا من مكانة المحاكم أو العدالة التي نعتز بمكانتها الجلية، لكن: ألا يوجد حل آخر غير هذه اللغة التشهيرية التي تلاحق مواطنا لمجرد أن عليه بضع مئات من الريالات، مع الإقرار بأن القانون لا يفرق بين من عليه ريال أو عليه مليون ريال، لا نبتغي من وراء ذلك سوى المحافظة على صورة مجتمع متراحم متواد لا تحرم الحياة المعاصرة شريحة كبيرة من ساكنيه من وجود عنوان واضح لهم، حيث يمكن الاستدلال عليهم بطرق متعددة، إلا إذا كانت المخالفات المالية الخاصة لا تستدعي البحث الجيد كما تستدعي المخالفات الأخرى!!
معلومة بسيطة لكنها مؤكدة:
نشرت صحيفة مثل هذه الإعلانات، ولأننا وفق لغة السوق الذي لا يرحم ولا يحترم فقد كان اسم المواطن الذي لم يعرف مقر إقامة له هو عضو في مجلس الدولة، ولا تستغرب عزيزي القاريء إذا قلت بأنه يقيم في شقة يملكها صاحب الدعوى!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق