السبت، 28 مارس 2009

الخصخصة.. وكرتنا

منذ حديث رئيس اتحاد كرة القدم حول رغبته في إدخال الخصخصة إلى أبواب أندية السلطنة وفهمي لم يبلغ ما يعنيه من هذه الموضة التي تم تسويقها اقتصاديا على مؤسسات القطاع العام على اعتبار أن شركات الحكومة لا تربح ولا تتطور، والمستفيد هم طبقة الأثرياء والرأسماليين الذين يشترون الشركة بمبلغ بسيط من أجل أن تكون أكثر فاعلية في الاقتصاد الوطني.. وحينما يقولون كلمة الوطنية فإنها تدل على ما يحققونه من أرباح تدخل في حساباتهم، داخل البلاد وخارجها.
أما كيف هي خصخصة الأندية العمانية فهذه تحتاج إلى اينشتاين ليفك طلاسم العقدة الرياضية (المنتمية للرياضيات لا للرياضة) وفيما تعاني أندية الدول الخليجية الثرية من الأزمة المالية العالمية فإن أنديتنا مضروبة بهذه الأزمة (بالمؤبد)، ومنها من لا يعرف اللعب على الملاعب الخضراء لطول تمرسه في (الغبراء) طوال سنين الإشهار.
هل دعوة السيد خالد بن حمد واقعية أم أنها أحلام طامح نال المجد الكروي الخليجي مرتين، مع نادي فنجاء ومع المنتخب الوطني؟! ووسط الضربات الاقتصادية التي ينالها رأس المال العالمي فكل خطوة استثمارية محسوبة بما يفوق قدرة الريال على السير في صحراء تحتاج إلى مهارة الحرث في البحر.
التجربة خليجيا مطبقة في بعض البلدان، وحتى تلك التي أشهرت كشركات استثمارية لم تغيّر واقع الحال لديها، وبدلا من دوري الدرجة الممتازة فأسمته دوري المحترفين ودفعت الملايين من أجل تدعيم صفوفها بلاعبين أغلبهم من الخارج، وغير النقل المباشر فلا ميزة أخرى تقول لنا الفارق بين دوري (هواة) ودوري (محترفين).. وبدون القاعدة الجماهيرية فإن سكب الملايين على الاستثمار الكروي كزرعها في تلك الصحراء التي لا تعرف شجرا ولا ثمرا.
ندرك أن عقلية إدارة اتحاد الكرة اختلفت عن السابق والتفكير التقليدي لم يعد مجد في عالم يوجب التخطيط المبني على عقلية استثمارية تفرض أمرا مستبعد افتراضه وهو أنه لا يجب على الحكومات وحدها مواصلة الدفع لكل شيء فيما هي مطالبة أن لا تتدخل في شيء، وترك المجال للمجتمع المدني يستوجب أن يقوم ذلك المجتمع بمسئولياته كاملة بحيث لا يتحول إلى طالب للمال فقط، وإنما إلى محرك أساسي للحركة المجتمعية، سواء أكانت رياضية أو اجتماعية أو أي نوع من أنواع التوجيه الداخل في حركة البشر داخل حاراتهم وبيوتهم.
لنفترض أن ناديا ما تحول إلى شركة، فهل يمكنه الاستغناء عن الدعم الحكومي فيما يواجه متطلبات هويته الجديدة فلا مجال للتطوع في الشركات، مجلس الإدارة لا يعمل إلا بمقابل مادي، والعضوية لا تأتي إلا بزوابع النقاشات الحادة ومطالبة النادي بما لا يملكه، والدعم الأهلي لا يكفي لدفع راتب لاعب، ومبلغ مكافأة الحصول على بطولة الدوري أعجز من تسديد راتب مدرب جيد قادر على توجيه الفريق نحو البطولات، وهناك صيانة الملاعب ونفقات التدريب والنقل وغيرها من الباحثة عن مئات الآلاف من الريالات العمانية.. أما حصيلة بيع تذاكر المباريات فحدث وستجد كل الحرج مع أي شخص يعتقد أنه (شخصية) يكفيه اتصال ليدخل بالمجان، من باب التميز فقط وليس شراء تذكرة بنصف ريال (ربما).
كم من الأندية العمانية جاهز لفكرة الخصخصة؟.. وما هي الشركات القادرة على الدفع وكيف سيكون النادي ضمن نسيج المجتمع وقد أصبح شركة مع الأخذ بالاعتبار أن ما يحدث في دول العالم الأخرى مختلف جدا، فلديهم مؤسسية لها تقاليدها، وكرة قدم لها جنونها، وفكر عقلاني لا يتعامل بمنطق المشاعر والعواطف والمحسوبيات والقبائلية (ولننظر إلى فكرة الدمج وما خالطها من حساسيات أضاعت الهدف الأسمى لتتمسك بأفكار يفترض أن الزمن أكل عليها.. وشرب أيضا).
الفكرة حالمة، ومنطقية.. حتى وإن كانت مع حالة معظم أنديتنا.. ليست واقعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق