الأحد، 1 مارس 2009

مطرح.. وتزيين الواجهات

منذ أشهر والفكرة تلح على بالي، أجلتها طمعا في رؤية المخطط الذي قيل بأنه سيكون شاملا لمدينة مطرح، هكذا سمعت، وربما أيضا.. هكذا لم أهتد للخبر اليقين، لعدم وجود الخبر أصلا، أو لسوء حظي في الحصول على جهينة لتهديني المتيقن من أخبارها.
لكن أحد زملاء المهنة أعاد الفكرة إلى واجهة أولويات الكتابة، فهذه المدينة شكلت جانبا من الوعي التاريخي العماني، قديما كانت واجهة للأحلام والاكتشاف والسفر والرزق، وعلى ساحلها قدم غزاة وأطلق الرصاصات منتصرون، ووقف على حافة بحرها مغامرون ومغادرون وحالمون..
وفي يومنا لا زالت مطرح محطة وواجهة، في سوق الظلام تلمح وجوها من كل أنحاء عمان، وربما من كافة قارات الدنيا، يعرفها السياح كما حفظ ملامحها المقيمون.
لكنني في كل خطوة فوق دروب هذه المدينة أتساءل:
كم مرة أعيد تجميل سوق مطرح؟!
وكم مرة تزيّن الشارع البحري وتجمّل بلوحات ومزركشات رخامية وزهور؟!
كم مرة غيّرت الطرقات ألوانها ومقاساتها وبواباتها؟
مارست ذلك الفعل الارستقراطي كثيرا، وتزينت باستمرار من أجل عيون زوارها، فكانت مبهجة دوما، ثرية بلمسات وضعت على مهل، ونقشت بجمال أخاذ.
لكن.. على بعد مسافة أمتار تظهر مطرح بشكل مغاير تماما، وهي المدينة الأهم في قلب العاصمة مسقط، سترى مدينة لها وجه كالح، بائس، ترتع بين الجدران المتهالكة الكلاب، والمنازل تلتحف بالصفيح، وتبدو وكأنها قادمة من أقصى قرية عماني لم تصلها يد التطوير بعد.. فهل أدرك (المعنيون) أن السياح لن يصلوا إلى هناك.. ولا داع لتطويرها، (كحارة العرين على سبيل المثال) وهي المجاورة للسوق الذي يقصده الآلاف يوميا.
والسؤال: لماذا لا تكون مطرح مدينة سياحية طولا وعرضا ينطلق فيها الإبداع أكثر من فوضى السير وفوضى المعمار، ومتى يتغير مشهد الفقر في هذه المدينة؟ تلك التي تضع على واجهتها ملامح النعمة البادية على هواميرها، وتخفي وراء ظهرها بؤسا يحتاج إلى اهتمام مطلوب من عدة جهات حكومية.
تخلت سابقا عن معلم مهم فيها، مستشفى الرحمة، وكان يمكنه أن يكون متحفا صحيا يتحدث عن التطور الصحي في البلاد.. قلنا (كما شاءت الأقدار) لا بأس، مجمع تجاري يبيع الملابس الجاهزة أكثر واقعية من أحلام كتّاب وصحفيين.
وأغلقت التسجيلات الصوتية الواقعة على مقربة (عالية) من بوابة السوق، مع أنها كانت مركزا موسيقيا له تاريخه الفني، وقلنا للمرة الألف: لا بأس، هناك الأهم كما يفرضه الواقع، بمنأى عن حنين حالمين.
لكن من يجمّل البيوت المطرحية ويجعل لها رونقا فنيا يجعل من المكان تحفة من الجمال، يضع كل فنان تشكيلي ريشته على جدار منها كما فعل فنانو مدينة أصيلة المغربية، حيث أحالوا المدينة إلى لوحة فنية عامرة بالجمال، محفزة للتأمل؟!
وكيف نصنع منها مدينة عمانية الملامح، لا تهيمن عليها وجوه الآخرين وثقافتهم، لا تكتب رسائلها بمعزل عن لغتنا الأم، وهويتنا الأصلية.. الأصيلة.
مجرد تمنيات لمدينة جديرة بأن نتمناها أجمل مما هي عليه، ومسقط العامرة شعار يتطلب أن يكون فيها كل مكان عامرا.. فكيف بها مطرح!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق