الاثنين، 7 سبتمبر 2009

سفينة الانقاذ والمساءلة

تداعت المحافظ الاستثمارية، وما كنت أعيد الكتابة عنها (وحولها) لولا أن ما حدث هو الزلازل وسيعقبها توابع لا يدري أحد حجم الخسائر في المحصلة، لأن الكارثة حصلت بمباركة (واسعة) وصمت (أوسع)، ودخل في تيارها العاقل قبل المغامر/المجنون، ورغم أنهم زرعوا قمحا (حسب الرؤية الأولى للبذور) إلا أنهم حصدوا.. العاصفة.
محافظ حقيقية أو وهمية؟
يحتاج السؤال إلى إجابة واضحة، فلم تكن تنظيما اقتصاديا سريا لا تعرفه أجهزة الدولة، الأمنية والمصرفية، بل كان يسير في وضح النهار، شارك فيه أفراد من المؤسستين (الأمنية والمصرفية) ودفعوا مئات الآلاف من الريالات ليحصدوا ما لا يمكن تخيله من أرباح شهرية، وقد كان يمكن من قصة حجم الفوائد التكهن بأي مكنسة سحرية تلك التي تجعل الآلاف تربح المئات كل شهر، أي أن الفائدة خلال الأشهر الستة (المحددة في عقد الاستثمار) تنتمي لخيالات مصباح علاء الدين السحر، ومن أرقامها يمكن التدليل على أن الأمر وهم، وإن دخل كثيرون فخه واستفادوا، لكنه الفخ الذي انتصب لآخرين، سقطوا على رؤوسهم، ولكن من لهم لينهضوا مرة أخرى؟!
قال البنك المركزي في تحذيره أنها محافظ استثمارية وهمية، لكن بعد أن وقع الفأس في الرأس، لم يسمّها قبل أن تقع، وكأن في الأمر مواجهة قانونية يخشى منازلتها وهو المؤسسة الموكل إليها حماية النظام المصرفي في البلاد..
قلت قبل أشهر بأن الجهاز المصرفي أبلغ الجهاز الأمني بشكوكه حول دخول الملايين إلى حساب شاب، لكنه لم يتلق إجابة، تلك المعلومة ليست مؤكدة حتى لا تحسب عليّ من باب تسقط أخطاء المعلومات وإهمال القضية الأكبر بالتركيز عليها.
اليوم تبدو مأساة الكثيرين من ضحايا هذه المحافظ أوضح، وتزداد وضوحا مع الإعلان عن محفظة استثمارية أخرى توقف حليبها المدرار عن إرواء الظامئين لثروة أو إنهاء قرض أو بناء بيت.
لافت جدا عدد المحافظ التي يمكن وصفها بأنها وهمية، ولافت جدا (جدا جدا) كثرتها واستمراريتها وسط نظامين: مصرفي وأمني/شرطي يتمتعان بمزايا المتابعة الوقائية..
إذن ما الذي حدث؟
لا ندري ماذا حدث، لكن قد نتوقع ما سيحدث..
شاب قدم مدخرات عمره لمحفظة كل الدلائل تقول أنها حقيقية، عقود مسجلة في مكاتب قانونية، وأرباح كبيرة تكاد فوق حدود الحلم بالنسبة لأي إنسان يحلم باستثمار أو التخلص من ديون بنوك أو بناء بيت العمر..
وشاب آخر أخذ سلفة كبيرة من البنك ليقدمها على طبق من ذهب لمستثمر يبدو كل شيء فيه واقعي، لديه مجموعة كبيرة من المشاركين، يعطي كل شهر دون تأخير، يقدم شيكات تضمن صدق نواياه.. طارت الريالات وبقيت السلفة تحتاج عشر سنوات لتنتهي، وهي تكاد تأخذ كل الراتب، وعلى أهل البيت الصوم ليل نهار لأن المتبقى من الراتب لا يكفي..
إذن في مواجهة تلك الجوانب (السحرية) أضع النقاط التالية:
البنك الذي قدم تلك السلفة الكبيرة مقابل ماذا من الضمانات؟!
ألا يوجد سقف محدد للقرض يقاس بمقدار الراتب؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق