الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

زحمة من أجل الهلال

قبل أن يأذن الشهر الفضيل بإكمال ثلثه الأول أعلن خبير فلكي بأن عيد الفطر سيكون يوم الأربعاء، اليوم الأخير من شهر أغسطس الجاري، أي أن شهر رمضان يحل علينا بثلاثين يوما من الروحانية التي يدركها من عرف قيمته فاغتنم أيامه ولياليه.
فلكيا تحددت الرؤية، مستحيلة في اليوم التاسع والعشرين منه حيث يولد هلال شهر شوال بعد غروب الشمس.. وبقي تحديد الرؤية شرعا، والعلم يدعم الشرع لا يناقضه، وخلال السنوات الماضية لم يحدث ما يقطع بين حسابات الفلكيين والرؤية.
وقبل حلول الشهر العظيم أشارت الأخبار إلى شراء وزارة الأوقاف والشئون الدينية عددا من المناظير المتطورة التي تمكّن من الرؤية الأدق للهلال وهو في أدق أشكاله.. ومع أنها استخدمت، وبحثت عن الهلال، ومع أن عشرات من أعضاء اللجان توزعوا على أنحاء السلطنة، مترقبين الرؤية واتصالات من يرون الهلال إلا أن من شاهده ثلاثة أشخص فقط، وفي مكانين..
قبل أن يخترع العالم الاتصالات كان تشكيل كل تلك اللجان أمرا مقبولا..
وفي عصر التطور العلمي والاختراعات التكنولوجية فإن مشهد الجالسين حول الطاولات في مختلف مناطق ومحافظات السلطنة ليس إلا مشهدا تلفزيونيا حيث أراد الإعلام الرسمي صناعة حدث من رؤية هلال استطاع الفلكيون أن يعلنوا رؤيته قبل أسابيع، وقد يعلمون مدى قابليته للرؤية قبل زمن لا يعلمه إلا الراسخون في العلم.
أكتب عن الأمر بين مشهدين، الأول عايشناه في ليلة دخول الشهر الفضيل.. والآخر سنشهده بعد أسبوعين من الآن مع اليوم التاسع والعشرين من الشهر، وأطرح السؤال: هل يحتاج الأمر إلى كل تلك الضجة التلفزيونية المصاحبة لزحام قامت به وزارة الأوقاف والشئون الدينية بتشكيلها كل تلك اللجان ومع العدد الكبير الذي كان يراقب ويترقب، وكان حضور من رأى الهلال إلى قاضي الولاية بحضور الوالي كاف لأخذ شهادة الشخص، دون هذه الضجة والبث المباشر والكلام المكرر.. مع أننا لم نشاهد الذين رأوا الهلال، ولم نتوصل إلى كيفية مشاهدتهم له، وكيف تعاطت اللجنة معهم، كان ذلك ما يقيم أود الحدث إلى حدّ ما.
أدرك أن الهدف هو صناعة حدث يليق بمناسبة دينية بما يعطيها الزخم الإيماني اللازم، من خلال الحوارات والحديث عن الصوم..
إنما المشهد متكرر..
والحدث خطف منه علم الفلك دهشة المفاجأة، فلم نعد في تلك الأيام الخوالي حيث ننتظر طلقة مدفع تعلمنا بمشاهدة الهلال حيث ينطلق الخير من قرية إلى أخرى برصاصة في ليل المكان تتبعها أخرى تتناقل خبر الرؤية..
الشرع لم يلغ العلم بل وضعه في أعلى منزلة، والعارفون بعلوم الفلك ومنازلها لهم من القدرة ما يفوق حتى دقة المناظير التي بقيت هي أيضا خبرا إعلاميا استحق الحوارات حولها واستعراض إمكانياتها..
واللجنة الرئيسية للرؤية لديها القدرة والحكمة والعلم لتعلن كلمة الفصل بعد وضوح التيقن من الرؤية، وخلال بضع ثوان يكون الخبر على أجهزة الهواتف النقالة، مع أنه كان في أذهاننا قبل أسابيع حينما قال الفلك كلمته، وبقي للشرع قول كلمته الحق عاضدا العلم الذي أبحر في معرفة دوران الأفلاك وحركتها كما أوجدها الخالق الذي قدّر كل شيء.. بحسبان.
alrahby@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق