صديق قديم غاب عن عيني سنوات طوال بحكم (سكنى المدينة) لكن التواصل (هاتفيا والكترونيا) حاضر بقوة التكنولوجيا، مهما اشتكينا من جفاف (أسلاكها) ومشاعرها المعلبة وفق بند إعادة الإرسال.
رسالة الكترونية منه وضعتني في صندوق الذكريات والمشاعر الإنسانية الجميلة التي (وأعتقد) أنها لم تغب من قلوبنا لكن الزمن ضغط عليها بقوة وبقسوة، تخرج أحيانا إلى خارج الصندوق فنفاجأ بها، كأن إنسانية الإنسان تدهشنا مع أنها الأصل فيه رغم كل قشور الحضارة والمدنية على جلده الآدمي.
تقول الرسالة: حين طرق باب بيتنا ليقول لي ولد الجيران: أمى تسلم عليكم وتقول عندكم طماط؟ ابتسمت من قلبي وقلت له عندنا، ولو ما عندنا زرعنا لكم بحوش بيتنا.
هذه المقدمة الصغيرة المجتزأة من الرسالة كافية لإدخال كل قارىء في الأجواء التي تتحدث عنها، والسؤال أقتطعه أيضا منها: منذ متى لم يطرق بابكم احد الجيران لطلب(طماط) او بصل او خبز ؟!! ربما يقال أننا بخير ونعمة ولم يعد الطلب من الجيرانله ضرورة ولكن بفقداننا هذه الطلبات الصغيرة بين الجيران فقدنا طعم الجيرة، فهذه الإرساليات الصغيرة كانت كافية لفتح قلوب الذين يجاوروننا في الحارة قبل أن يفتحوا لنا أبوابهم، لنراه، لنعرف أسماءهم، لندرك هل هم هنا بخير أم أن أقدارا بعثرتهم أو أعثرتهم وقد يأتي يوم لا نعثر فيه عليهم.
تخيل لو أن الموقف نريد تمثيله الآن:
الزوجة لن تكتشف أن ثلاجتها لا يوجد بها (طماط).. لأن الشغالة التي تعرف خبايا المكان ستصنع (المرقة) بدون هذه الحبة الحمراء الأنيقة..
ولن يكون بمقدار أحد الطلب من أحد الأطفال الذهاب للجيران خشية أن يعلموهم (الشحاته)، والأم تخشى الفضيحة من الجيران لأنهم يريدون تقديم صورة عن أنفسهم تترفع عن طلب هذه الأشياء، وبدلا من التفاخر بما لديهم من (ثراء) هل سيكون عليهم طلب حبة طماط؟
وفي حالة اكتمل المشهد في لوحته الأولى لن تفهم الشغالة في منزل الجيران أنه يمكن طلب ذلك منهم، وإن فهمت فإن زوجة الجار ستعدّ الأمر نكتة ليس لها محل من الإعراب في هذا الزمن، وأن الجارة الأخرى متخلفة وزوجها بخيل، وإن مضت قليلا في التمثيلية فإنها قد تتهم الجيران بأنهم يمارسون حيلة جدا من حيل النصب.. اليوم حبة طماط، باكر الله يستر ايش يطلبوا؟!
ينعي صديقي في رسالته تلك البساطة التي أضعناها في دهاليز التعقيد، داستنا حوافر الايتكيت والحداثة في حياتنا حتى ضعنا في المسافة بين الشوكة والسكين، البساطة في قلوب الصغار الذين يعرفون الطريق إلى بيت الجيران وكأنهم أحد أولادهم، والكبار الذين خرجوا من ذات المكان الذي تناسلت فيه سلالتهم وليسوا طارئين على المكان..
فهل نكسر حائط الثلج بيننا وجيراننا الذين لا نعرفهم في المدينة ونبدأ معهم خطوة تقربنا معا، على الأقل كي لا يسرق أحد بيت أحدنا ولا نعرف ماذا يحدث في الجدار القريب من جدارنا، لنسمى هذه الخطوة دبلوماسية الشوربة أو صحن الهريس، ربما لنا جار من هم في بيته يجيدون المندازي أو المنسف أو أي نوع آخر يحقق التقارب ويكون بيننا وجيراننا (خبز وملح) كالذي كنا زمانا نطلبه من بيت جيراننا إن نقص في مطبخنا، هذا إن كان يسمى مطبخا!!
ربما لن يذهب الطفل إلى باب جيرانه ويقول للجارة: أمي تسلم عليكم وتقول : ألا ليت الزمان يعودُ يوماً لأخبره ما فعلت (الطكنلوجيا)!
رسالة الكترونية منه وضعتني في صندوق الذكريات والمشاعر الإنسانية الجميلة التي (وأعتقد) أنها لم تغب من قلوبنا لكن الزمن ضغط عليها بقوة وبقسوة، تخرج أحيانا إلى خارج الصندوق فنفاجأ بها، كأن إنسانية الإنسان تدهشنا مع أنها الأصل فيه رغم كل قشور الحضارة والمدنية على جلده الآدمي.
تقول الرسالة: حين طرق باب بيتنا ليقول لي ولد الجيران: أمى تسلم عليكم وتقول عندكم طماط؟ ابتسمت من قلبي وقلت له عندنا، ولو ما عندنا زرعنا لكم بحوش بيتنا.
هذه المقدمة الصغيرة المجتزأة من الرسالة كافية لإدخال كل قارىء في الأجواء التي تتحدث عنها، والسؤال أقتطعه أيضا منها: منذ متى لم يطرق بابكم احد الجيران لطلب(طماط) او بصل او خبز ؟!! ربما يقال أننا بخير ونعمة ولم يعد الطلب من الجيرانله ضرورة ولكن بفقداننا هذه الطلبات الصغيرة بين الجيران فقدنا طعم الجيرة، فهذه الإرساليات الصغيرة كانت كافية لفتح قلوب الذين يجاوروننا في الحارة قبل أن يفتحوا لنا أبوابهم، لنراه، لنعرف أسماءهم، لندرك هل هم هنا بخير أم أن أقدارا بعثرتهم أو أعثرتهم وقد يأتي يوم لا نعثر فيه عليهم.
تخيل لو أن الموقف نريد تمثيله الآن:
الزوجة لن تكتشف أن ثلاجتها لا يوجد بها (طماط).. لأن الشغالة التي تعرف خبايا المكان ستصنع (المرقة) بدون هذه الحبة الحمراء الأنيقة..
ولن يكون بمقدار أحد الطلب من أحد الأطفال الذهاب للجيران خشية أن يعلموهم (الشحاته)، والأم تخشى الفضيحة من الجيران لأنهم يريدون تقديم صورة عن أنفسهم تترفع عن طلب هذه الأشياء، وبدلا من التفاخر بما لديهم من (ثراء) هل سيكون عليهم طلب حبة طماط؟
وفي حالة اكتمل المشهد في لوحته الأولى لن تفهم الشغالة في منزل الجيران أنه يمكن طلب ذلك منهم، وإن فهمت فإن زوجة الجار ستعدّ الأمر نكتة ليس لها محل من الإعراب في هذا الزمن، وأن الجارة الأخرى متخلفة وزوجها بخيل، وإن مضت قليلا في التمثيلية فإنها قد تتهم الجيران بأنهم يمارسون حيلة جدا من حيل النصب.. اليوم حبة طماط، باكر الله يستر ايش يطلبوا؟!
ينعي صديقي في رسالته تلك البساطة التي أضعناها في دهاليز التعقيد، داستنا حوافر الايتكيت والحداثة في حياتنا حتى ضعنا في المسافة بين الشوكة والسكين، البساطة في قلوب الصغار الذين يعرفون الطريق إلى بيت الجيران وكأنهم أحد أولادهم، والكبار الذين خرجوا من ذات المكان الذي تناسلت فيه سلالتهم وليسوا طارئين على المكان..
فهل نكسر حائط الثلج بيننا وجيراننا الذين لا نعرفهم في المدينة ونبدأ معهم خطوة تقربنا معا، على الأقل كي لا يسرق أحد بيت أحدنا ولا نعرف ماذا يحدث في الجدار القريب من جدارنا، لنسمى هذه الخطوة دبلوماسية الشوربة أو صحن الهريس، ربما لنا جار من هم في بيته يجيدون المندازي أو المنسف أو أي نوع آخر يحقق التقارب ويكون بيننا وجيراننا (خبز وملح) كالذي كنا زمانا نطلبه من بيت جيراننا إن نقص في مطبخنا، هذا إن كان يسمى مطبخا!!
ربما لن يذهب الطفل إلى باب جيرانه ويقول للجارة: أمي تسلم عليكم وتقول : ألا ليت الزمان يعودُ يوماً لأخبره ما فعلت (الطكنلوجيا)!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق