بداية أوضح أن المسئول لا أعني به فقط ذلك المحسوب على كرسي الحكومة، لأن هناك كراسي أخرى (وكثيرة) تتواجد في القطاع الخاص، وفي المدرسة، وفي البيت، حيث يجلس الرجل على زعامة المكان يمارس صلاحيته المطلقة، يأمر، ويبرر، ولن يكون رجلا مسئولا إن اعترف يوما بأنه أخطأ.
وفي وسائل الإعلام نجد تصريحات المسئول الذي لا يمتلك إلا التبرير، لا يقول أن هناك ثمة خطأ ودوره أن يراجع أوراقه وحساباته قبل أن يكشف أوراق الآخرين وحساباتهم، من الذين ارتكبوا أخطاء وفق تراتبية الكراسي نزولا، لكنه لا يتورع عن تقديم كشف حساب بأخطاء أولئك الجالسين على الكراسي (صعودا)، وحسبه في ذلك الوصول، وأنه مدرك لما يحدث وجاهز لإصلاح كل شيء.. فيما لو تركت له الفرصة لاعتلاء الكرسي الأكبر من كرسيه الحالي.
قبل أكثر من أسبوعين شدني حديث لمدير بلدية المضيبي خلال رده على أحد المواطنين، لم يبرر ما لاحظه المواطن (المتصل) بل اعترف به مشيرا إلى إمكانية قصور قد حدث، والتقصير سمة البشر، ووعد بمتابعة الأمر..
أخرجني هذا التصريح من الصورة النمطية المعتادة عن مسئولين يصرون أن كل عملهم (تمام التمام) وأن الإنجاز متواصل ليل نهار، إذن لماذا يحدث ما يحدث من أخطاء إن لم يكن هناك قصور أو تقصير لا مناص منه حينما نصف الفعل بأنه قائم على اجتهاد بشر، له أجر حتى وهو يجتهد مع الخطأ.
ذكّرني ذلك الحديث لمدير البلدية بمسئول آخر يضع كل أخطاء قراراته على رقاب الموظفين الأقل منه منزلة (ودرجات)، لا ينجح كما يريد لأن لديه مجموعة كبيرة من الفاشلين والحاقدين والصائدين في المياه (العكرة)، كل خطأ يحدث بسببهم لا بسببه، هو يفعل الصواب (وفقط) وهم لا ينتظر منهم سوى الخطأ.. وحده.
فلماذا تغيب عن قاموسنا الوظيفي ثقافة الاعتراف أن هناك ثمة فشل وأخطاء..
أن الأرقام التي تعلن غير حقيقية، أو غير واقعية على الأقل.
أن المشروع الذي خطط له ليكون مربحا أصابته خسائر فادحة، كمشروع شركات الأسماك التي لديها آلاف الكيلومترات من السواحل تتيح تحقيق أرباح تهم المواطنين (المساهمين) والمواطنين (الباحثين عن كيلو سمك)..
وأن الجسر الذي أقيم ليساهم في انسيابية مياه الوديان حجزها مرتدة إلى مزارع المواطنين، وأن أرقام حصادنا من التمور محل شك لأنه لا يوجد مقياس حقيقي في ظل زحف حشرة الدوباس على الأخضر من نخيلنا واليابس، وأن الأخطاء الطبية قدر لا علاقة له بالإهمال في المستشفيات والرعونة في معاملة المرضى.
عدم قول الحقيقة هو الخيانة الحقيقية للمسئولية وليس الاعتراف بالأخطاء والتقصير وعدم المتابعة.. فالمشكلة أن الاحتفالات كثيرة وهذه تستدعي الحضور في الصف الأمامي، سواء أكانت للمسئول علاقة بالحدث أم أنها من باب الدعاية الإعلامية.
تشاؤل أخير:
مرت أيام طوال منذ أن كتبت عن سيارة شفط المجاري الواقفة على الطريق نحو مدرسة الخوير، لا تزال المياه العفنة تتسرب عبرها، ذلك يعني أن الأمر لم يعد يعني المعني بالأمر، كما لا تعني آخرين.. مسائل أخرى.
الأحد، 10 مايو 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق