مصباح أول:
يطفىء الرجل مصباحه..
يغادر البيت على وهم عناده:
ترك البيت مظلما.
لا يدرك هذا المتعجرف أن في البيت ثمة امرأة تجيد اشعال الشموع، ولو كانت النار تسري في أصابعها..
من لا يدافع عن مملكته؟
تتساءل حيطان المنزل، وهي ترى الرجل مقبلا في ختام المشهد كسيرا ومحطما، لأنه سار في الدروب المظلمة، مع أنه كان يظن أن لا ملجأ إلا إليه..ولا حياة.. إلا به.
تتحول المرأة إلى أم رؤوم، تسامح، وإن كانت لا تنسى من حاول إطفاء شموع البيت.. بوهم وعناد.
مصباح ثان:
قبل أن يطلق طفلها الأخير صرخة ميلاده غادرها الرجل، هكذا رحل، ربما لأنه مات في حادث سير، ربما بطلقة أخيرة، كلمة طلاق كأنها الرصاصة، أو الرصاصة التي انطلقت في لحظة قدر ما، تعددت الأسباب والرحيل واحد، هي المرأة التي تكتب حياتها بشعار كهذا.
لم يترك غيابه فقط، مع أن حضوره مهم جدا أيا كانت أوجه هذا الحضور..
لم يترك زوايا البيت معتمة خالية من ضحكاته أو من شتائمه، في كل أحواله كان البيت ينتظره ساهرا، تقول المرأة ظل رجل ولا ظل جدار، مرة يكون الرجل الذي حلمت به منذ أن أدركت مفردة رجل، ومرة يكون الجدار الذي لا بد منه، لكن ما حيلتها حينما تهاوى الجدار، ولم يصبح له حتى ظل؟!
يضنيها التعب، الأم التي تكابد نهوض الأطفال وارتقاءهم سلم العمر..
متعبون وهم صغار، متعبون وهم في زوابع المراهقة، متعبون وهم يبحثون عن فرصة عمل أو فرصة زواج..
تدرك المسكينة أنها تفعل ما يمليها عليها ضمير الأمومة.. حتى وهي تفقد لاحقا ضمير الرجولة، أصبح الطفل رجلا، وله صوت كالذي كان لوالده، يرفع السوط فتبكي الأم، كما كانت تبكي حينما كان يرفعه الزوج.. قبل أن يرحل.
تبقى هي قنديل البيت، يأتي المعني (ربما) متأخرا، حينما تهمد الشمعة مفارقة ضوءها الأخير.
مصباح ثالث:
وسط شقاوات صغار البيت أرادت أن تكون متميزة..
طفلة تتشاقى بالألوان وبالأقلام، كبرت الطفلة، تخطت مراحل التعليم في سبيلها لتحقيق حلما القديم، أخذتها الكتب والمراجع، نسيت نفسها، أوقدت شمعة علمها من أجل الآخرين، أصبحت دكتورة، لكنها نسيت أنها امرأة، ولم ينس الرجل أنها امرأة.. وإن كانت دكتورة!!
صغار البيت (الذين أصبحوا كبارا) نسيوها في زحمة حياتهم، الرجال لا تعنيهم كثيرا هذه المتعلمة التي ستفضح جهلهم، ولأنها توقد شموع العلم والمعرفة ببحوثها ودراساتهم فإن هناك من يتوهم أنها تبحث عن مجد.. مع أن المجد الحقيقي تراه في عائلة (حقيقية) تمنحها الطاقة التي تتفجر داخلها عطاء ومحبة، وتدور الأيام تتبعها السنوات و(الدكتورة) تعمل باجتهاد لا يحد، وتعود في آخر المساء إلى غرفتها فلا تجد الحضن الذي تحتاجه وسط كل هذه العواصف من حولها!!
مصباح رابع:
كأنها تراها، خيوط الفضة في فستان الفرح.
زهت كأميرة، وخاطبت صورتها في المرآة كما يحلو لملكة.
في لحظة ما، غادر الفارس، قبل أن تكتمل قصة الحلم، تهشم الفارس والحلم في لحظة تهور عابرة سفحت الدم على شارع ما..
بكت.. وبكت.. وبكت.
أينه ذلك الفارس الذي يأتي لمهرة اقترن اسمها بالموت؟!
نكد هذا الحلم حينما يكاد يفتح الباب ليدخل ثم يغادر للأبد بمأساة لها مرارة لا نهاية لعلقمها.
كلما أرادت أن توقد مصباح حياتها فاتحة نوافذها تأتي العتمة من الباب الواسع، حتى الريح صارت تعاند اللهب الحزين والضعيف، كم تتمنى الحالمة بأن تكون قنديلا في بيت جميل لتفرش الضوء في عتمات الحياة، وتقول أنها قنديل جدير.. بالحياة، وبالضوء.
مصباح.. ليس أخير:
احتفت بالحياة حينما رأت اسمها في قائمة المقبولين للحياة العملية..
غرقت العينان بالدمع..
رأى والدها أن هذا القنديل سيعينه على الحياة أيضا.. الراتب الأول له حصة منه، طالب بحصة أكبر في الراتب التالي، أحال إليها فواتير الكهرباء والماء والهاتف، فواتير احتياجات البيت كلها، البيت يحتاج إلى ترميم، عليها أن تقدم سلفة باسمها، أضاء المصباح فوق قدرته لكن العتمات تنهال عليه، لم يكن يملك الجرأة ليقول كفى، ولا ولي الأمر لديه الجرأة ليقول كفاية، فالبنت ومالها لأبيها.
جاء الفارس، عرف أن الراتب مشغول بجهات اتصال أخرى، ذهب الفارس، جاء آخر، له بال طويل لانتظار اختفاء جهات الاتصال السابقة، بقيت المرأة/الزوجة حائرة بين جهتي تطلبان نتاج جهدها ومثابرتها العملية، أب يحتاج وزوج يقنعها أنهما أشد حاجة.. لما فيه مستقبلهما.
تمنت لو لم تأت فرحة القبول في وظيفة، ومرة أخرى غرقت العينان بالدمع.
ضوء لاحق:
كثيرة هي المصابيح في حياتنا..
ومعضلتنا أننا لا نجيد التعامل مع الضوء.
يطفىء الرجل مصباحه..
يغادر البيت على وهم عناده:
ترك البيت مظلما.
لا يدرك هذا المتعجرف أن في البيت ثمة امرأة تجيد اشعال الشموع، ولو كانت النار تسري في أصابعها..
من لا يدافع عن مملكته؟
تتساءل حيطان المنزل، وهي ترى الرجل مقبلا في ختام المشهد كسيرا ومحطما، لأنه سار في الدروب المظلمة، مع أنه كان يظن أن لا ملجأ إلا إليه..ولا حياة.. إلا به.
تتحول المرأة إلى أم رؤوم، تسامح، وإن كانت لا تنسى من حاول إطفاء شموع البيت.. بوهم وعناد.
مصباح ثان:
قبل أن يطلق طفلها الأخير صرخة ميلاده غادرها الرجل، هكذا رحل، ربما لأنه مات في حادث سير، ربما بطلقة أخيرة، كلمة طلاق كأنها الرصاصة، أو الرصاصة التي انطلقت في لحظة قدر ما، تعددت الأسباب والرحيل واحد، هي المرأة التي تكتب حياتها بشعار كهذا.
لم يترك غيابه فقط، مع أن حضوره مهم جدا أيا كانت أوجه هذا الحضور..
لم يترك زوايا البيت معتمة خالية من ضحكاته أو من شتائمه، في كل أحواله كان البيت ينتظره ساهرا، تقول المرأة ظل رجل ولا ظل جدار، مرة يكون الرجل الذي حلمت به منذ أن أدركت مفردة رجل، ومرة يكون الجدار الذي لا بد منه، لكن ما حيلتها حينما تهاوى الجدار، ولم يصبح له حتى ظل؟!
يضنيها التعب، الأم التي تكابد نهوض الأطفال وارتقاءهم سلم العمر..
متعبون وهم صغار، متعبون وهم في زوابع المراهقة، متعبون وهم يبحثون عن فرصة عمل أو فرصة زواج..
تدرك المسكينة أنها تفعل ما يمليها عليها ضمير الأمومة.. حتى وهي تفقد لاحقا ضمير الرجولة، أصبح الطفل رجلا، وله صوت كالذي كان لوالده، يرفع السوط فتبكي الأم، كما كانت تبكي حينما كان يرفعه الزوج.. قبل أن يرحل.
تبقى هي قنديل البيت، يأتي المعني (ربما) متأخرا، حينما تهمد الشمعة مفارقة ضوءها الأخير.
مصباح ثالث:
وسط شقاوات صغار البيت أرادت أن تكون متميزة..
طفلة تتشاقى بالألوان وبالأقلام، كبرت الطفلة، تخطت مراحل التعليم في سبيلها لتحقيق حلما القديم، أخذتها الكتب والمراجع، نسيت نفسها، أوقدت شمعة علمها من أجل الآخرين، أصبحت دكتورة، لكنها نسيت أنها امرأة، ولم ينس الرجل أنها امرأة.. وإن كانت دكتورة!!
صغار البيت (الذين أصبحوا كبارا) نسيوها في زحمة حياتهم، الرجال لا تعنيهم كثيرا هذه المتعلمة التي ستفضح جهلهم، ولأنها توقد شموع العلم والمعرفة ببحوثها ودراساتهم فإن هناك من يتوهم أنها تبحث عن مجد.. مع أن المجد الحقيقي تراه في عائلة (حقيقية) تمنحها الطاقة التي تتفجر داخلها عطاء ومحبة، وتدور الأيام تتبعها السنوات و(الدكتورة) تعمل باجتهاد لا يحد، وتعود في آخر المساء إلى غرفتها فلا تجد الحضن الذي تحتاجه وسط كل هذه العواصف من حولها!!
مصباح رابع:
كأنها تراها، خيوط الفضة في فستان الفرح.
زهت كأميرة، وخاطبت صورتها في المرآة كما يحلو لملكة.
في لحظة ما، غادر الفارس، قبل أن تكتمل قصة الحلم، تهشم الفارس والحلم في لحظة تهور عابرة سفحت الدم على شارع ما..
بكت.. وبكت.. وبكت.
أينه ذلك الفارس الذي يأتي لمهرة اقترن اسمها بالموت؟!
نكد هذا الحلم حينما يكاد يفتح الباب ليدخل ثم يغادر للأبد بمأساة لها مرارة لا نهاية لعلقمها.
كلما أرادت أن توقد مصباح حياتها فاتحة نوافذها تأتي العتمة من الباب الواسع، حتى الريح صارت تعاند اللهب الحزين والضعيف، كم تتمنى الحالمة بأن تكون قنديلا في بيت جميل لتفرش الضوء في عتمات الحياة، وتقول أنها قنديل جدير.. بالحياة، وبالضوء.
مصباح.. ليس أخير:
احتفت بالحياة حينما رأت اسمها في قائمة المقبولين للحياة العملية..
غرقت العينان بالدمع..
رأى والدها أن هذا القنديل سيعينه على الحياة أيضا.. الراتب الأول له حصة منه، طالب بحصة أكبر في الراتب التالي، أحال إليها فواتير الكهرباء والماء والهاتف، فواتير احتياجات البيت كلها، البيت يحتاج إلى ترميم، عليها أن تقدم سلفة باسمها، أضاء المصباح فوق قدرته لكن العتمات تنهال عليه، لم يكن يملك الجرأة ليقول كفى، ولا ولي الأمر لديه الجرأة ليقول كفاية، فالبنت ومالها لأبيها.
جاء الفارس، عرف أن الراتب مشغول بجهات اتصال أخرى، ذهب الفارس، جاء آخر، له بال طويل لانتظار اختفاء جهات الاتصال السابقة، بقيت المرأة/الزوجة حائرة بين جهتي تطلبان نتاج جهدها ومثابرتها العملية، أب يحتاج وزوج يقنعها أنهما أشد حاجة.. لما فيه مستقبلهما.
تمنت لو لم تأت فرحة القبول في وظيفة، ومرة أخرى غرقت العينان بالدمع.
ضوء لاحق:
كثيرة هي المصابيح في حياتنا..
ومعضلتنا أننا لا نجيد التعامل مع الضوء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق